اللئيم خسيس الطبع، عديم الأخلاق ولايتورع عن إلحاق الأذى بالآخرين لتحقيق مصالحه الخاصة. ويسعى لإعاقتهم لخشيته من المنافسة الحرة فيظهر ضعفه وادعاءه الفارغ بالمعرفة، وهو مستعد للتعاون مع الأعداء لتحقيق مصالحه الخاصة. إن النفس المصابة بداء اللؤم، هي نفس ضالة تشعر بالدونية أمام نجاح الآخرين وتسعى خلسة للنيل منهم لأنها تفتقد للشجاعة الكافية لمواجهتهم وجهاً لوجه. وغالباً ما تخفي ذاتها الحقيقية عن الآخرين لكنها تكشف عن نوازعها حال أن تتهيأ الظروف لها، فتطعنهم من الخلف أو تحط من قدرهم لإعلاء شأنها المنحطة.
اللئيم يتذلل وينبطح تحت الأرجل من أجل تحقيق حاجته ويتحمل من الإهانات والإساءات ما لايحتمله كيان إنساني، فهو عديم الكرامة ولايمتلك عزة للنفس بالرغم من محاولته التظاهر بعكسها. وبقدر ما يسعى لطلب الحاجة من كرام القوم، فإنه يتحلى بالبخل ويرفض تقديم أية مساعدة للآخرين. وإن قدمها فإنه يذل طالبها ويعيره أبداً، وبهذا فإنه يعكس ما يتراكم في ذاته من خراب نفسي، فيؤنب ذاته بإهانة الآخرين ويعاقبها لتلبيتها الحاجة للآخرين!.
كما أنه يسعى لتضيق سُبل العيش (إن أمكن!) على الآخرين ليكونوا تحت أمرته وتزداد حاجتهم إليه، فيمعن بإذلالهم والحط من قدرهم ساعياً لإسقاط ذاته المنحطة على الآخرين.
يفترض ((الأمام علي-ع)) إنجاز ما يستحيل إنجازه من أعمال أهون عنده من طلب الحاجة من لئيم قائلاً:"لغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين، ونقل بحرين زاخرين بمنخلين وكنس أرض الحجاز في يوم ريح بريشتين أهون عندي من طلب حاجة من لئيم لسد حاجتي".
سعى معظم الفلاسفة للبحث في مكامن الخلل في النفس البشرية وما يمكن أن تسببه من أذى للآخرين، فبدون الارتقاء بمنظومة العقل لمراتب أعلى بالعلم والمعرفة، لايمكن أن تنبذ الشر من داخلها ليحل الخير مكانها فينعكس على سلوكها وتصرفاتها الخيرة على الآخرين.
إن النفس الخيرة تعكس صور الخير على الآخرين، والنفس الشريرة والمنحطة تعكس صور الشر على الآخرين فتصيبهم بالأذى والضرر لإعلاء شأنها فهي تعتاش على خسارات وضرر الآخرين. إن سُبل الخير لإعلاء شأن الذات متاحة لمن يسعى إليها لإطفاء النوازع الشريرة للنفس الجاهلة الساعية للإلحاق الضرر بالآخرين. فلخسة والوضاعة والحسد واللؤم......هي من صفات النفس الجاهلة غير القادرة على الارتقاء لمصاف أقرانها من البشر الأسوياء.
يعتقد ((أفلاطون))"أن الرأفة واجبة على ثلاثة، عاقل واقع تحت حُكم جاهل. وقوي في أسر ضعيف. وكريم يرغب في حاجة من لئيم".
يعود انحراف النفس الجاهلة نحو مسالك الشر، لخلل في منظومتها الذاتية التي تغرق في ظلام دامس دون إن يصلها نور المعرفة. واللؤم داء لايصيب إلا الذات المنحطة ليزيد من انحطاطها فتميل أكثر نحو السادية وتتلذذ في آلام ومعاناة الآخرين. يسعى اللئيم لإذلال طالب الحاجة، ويكيل له الوعود بقضائها لكنه يتمادى أكثر فأكثر في إذلاله تلبية لنوازعه الشريرة المتلذذة بعذبات وآلام الآخرين.
يرى ((رالف دهرندورف))"أن الانحراف لاتعرف أسبابه ويتعذر معرفتها سوسيولوجياً لربما هي نوع من البكتريا المرضية تهاجم منظمومة الذات من أعماقها المظلمة لتعمل على تخريب نفسية الفرد".
تدين القيم الدينية والأعراف الاجتماعية بشدة السلوكيات والتصرفات غير السوية للفرد ضد المجتمع، لأنها من أفعال الشر التي لاتقرها قيم وأعراف المجتمعات الإنسانية. إن داء اللؤم لايصيب إلا النفس الضعيفة والجاهلة والتي أصبحت الشر ذاته، ويستحيل إصلاحها لأنها تعاني من الصد المعرفي.