بسم الله الرحمن الرحيم
.
هي صرخة دوت في الأعماق فتردد صداها في
أرجاء الدنيا قاطبة يهيب ببني آدم الذين
ما زالوا على قيد الحياة الى
الانتباه واتخاذ الحيطة والحذر ،
فيقول :
يا ساكني الأرض.
..
من
الأعماق اناديكم.
من أعماق الظلمة ، من أعماق القبر ،
من أعماق
اليأس أصرخ اليكم منبها ومنذرا. المكان موحش ، مرعب ، هائل ،. لا شبيه له
في دنياكم.
هنا لقد اكتنفنا ليل دامس.
في هذا
الظلام الدامس أطبق جفني لعلي أستمتع بقسط من النوم. ولكن كيف انام على هذا
الفراش الموحش؟ مسكين انا فيا لهول المصير!
كنت في عالمكم اسرح وامرح.
وكنت كلما لاح في مخيلتي شبح الموت اشغل نفسي كي لا أراه.
ثم سرت في
طريق هادئ البال غير مفكر او مكترث. وفي لحظة من
الزمن أغمضت طرفي
وفتحته واذا بذاك العالم الغرار قد توارى عن ناظري فرأيت رسل الموت تقف
حولي ، ثم رأيت الشيطان وقد صوب نحوي عينيه الناريتين وبسط علي جناحيه
الأسودين ، ليكمل غوايته لى ، ثم صرخ صرخة مدويه "وسعي ايتها الجحيم فاك ،
ها فريسة اخرى لك ".
آه! لقد وقعت بين مخالب الجحيم الفولاذية ولن
استطيع ان أنجو!
لا اقدر ان اصف لكم ما يجول في خاطري
وانا أغوص في بحيرة النار ثم أطفو! تتضارب في صدري عوامل عدة هي مزيج من
الحزن والألم ، والحسرة والندم! من حولي نار تستعر ، وفي صدري براكين تثور ،
وقد قضي علي أن اقضي هنا مرارة الذنوب! أواه!
لا أحد لهذا العذاب يقدر
على الصبر؟ أوليست هناك ميتة اخرى أموتها تضع حدا لما اعانيه؟ . اللهم
حنانك ورحمتك! ولكن اين الرحمة؟ ان هذا ليس مكان رحمة…..
انا
أغوص تحت ثقل خطاياي ، هذا الحمل الثقيل! لست ادري كيف استطاعت كرة الأرض
ان تحملني وتحمل خطاياي.
بالأمس كنت منعدم الحس ، اما اليوم فكلي احساس
وشعور. بالأمس كنت أعمى واليوم أبصر ، بالأمس كنت اهزأ واليوم ابكي دما
أحمر.
صراخ يصم أذني : "ويلا! ويلا طويلا…" نم يا ضميري قليلا!
آه ولكنه لن ينام بعد. لقد نام على الأرض طويلا وها هو قد استيقظ الآن.
وهو يصرخ بأعلى صوته : "يا لك من أحمق غبي! لقد اخمدت صوتي على الأرض في
ملذاتك العابرة واهواء نفسك الغرارة وأميالك الفاسدة وتقواك الزائفة وتدينك
الذي صنعته يداك فرفضت صوت النصح والارشاد فحق عليك الآن ان تسمع صوتا
مجلجلا في داخل كيانك يطالب بالانتقام والعذاب الذي تستحقه .
الويل
ثم الويل ثم الويل.
أرى حولي نفوسا من مختلف الطبقات والمراكز
والأجناس : أرى ملوكا وأمراء ورؤساء واشرافا ،
أرى نفوسا من
ذوي الجمال والأدب ممن لقيت المديح الملق ، وهي لا تسمع غير اللعنات
المرجفات وقد صارت طعمة للنار التي لا تفرق بين البشر.
منقول