رغم أن بدايات الأهلي في دوري أبطال إفريقيا هذا العام لم تكن مبشرة حيث خسر الفريق في لقاء الذهاب بالدور الأول أمام فريق المدفعجية من زيمبابوي بهدف قبل أن يفوز في الإياب بهدفين دون رد وهي ذات النتيجة التي خسر بها أمام شقيقه الإتحاد الليبي في ذهاب ثمن النهائي بملعب 11 يونيه في العاصمة طرابلس وظن الجميع أن مغادرة الفريق للبطولة من هذا الدور للعام الثاني علي التوالي باتت وشيكة لأنه يملك فرص قليلة في مواجهة منافس واعد أعطاه فوز الذهاب ثقة في نفسه وقدراته علي تجاوز فريق في حجم وإمكانات فارس إفريقيا الأول.
في ظل هذه المعطيات لعب الأهلي لقاء الإياب علي ملعب القاهرة الدولي في ظل حضور جماهيري أكثر من رائع وحماس داخل أرض الميدان من نجومه الكبار و الصاعدين و إدارة فنيه من طاقمه الفني علي أعلي مستوي, ولأنها لوحة فنية رائعة الجمال فقد توجت بصافرة تحكيمية إيفوارية بعقلية ولياقة أوروبية من الحكم دوي نومانديز ديزيري خصوصاً فيما يتعلق بإتاحة الفرصة للعب المباشر ومنح الفريقين الفرصة للإبداع والتألق وبغض النظر عن بعض الهفوات.
تجاوز الأهلي لهذه العقبة وتحقيقه ما ظن البعض أنه مستحيلاً قبل وأثناء اللقاء أعاد للأذهان العصر الذهبي لفرسان إفريقيا الحمر في الثمانينات عندما حقق زملاء موهوب مصر الكبير محمود الخطيب 5 ألقاب متنوعة في ظرف 7 سنوات و منعتهم الظروف القهرية أحياناً – اغتيال الرئيس السادات- وأصحاب الزى الأسود أحياناً أخري من السيطرة التامة علي قارة المواهب بشكل مطلق.
من جانبه حول الإسماعيلي تأخره أمام ضيفه الهلال السوداني بهدف ادوارد سادومبا إلي فوز ثلاثي بأهداف محمد حمص و أحمد سمير فرج وأحمد خيري وكرر فوزه علي زملاء الحارس المعز محجوب في اللقاء الذي جمع الفريقين علي إستاد الإسماعيلية قبل ساعة من انطلاق لقاء ملعب القاهرة.
"الدراويش" صعدوا بجدارة لدوري المجموعات لأول مرة منذ بلوغهم نفس الدور في نسخة 2003 التي خسروا النهائي فيها أمام انيمبا النيجيري في مجموع اللقاءين بهدف لهدفين.
زملاء المتألق محمد حمص الذي سجل هدف الفوز في اللقاء الأول وعادل النتيجة في اللقاء الثاني صاروا بهذين الفوزين مع مازيمبي الكونغولي (حامل اللقب) الناديين الوحيدين اللذين حققا الفوز في لقاءي الذهاب والإياب ورفعوا عدد تواجد الأندية المصرية إلي ناديين للمرة الثالثة في تاريخ البطولة في نسختها الحديثة.
عودة لمباراة الأهلي والتي نعطيها المزيد من الأسطر لكونها كانت الأصعب من مباراة الإسماعيلي الذي كان قد حجز نصف بطاقة ترشحه في السودان، فبخلاف الفوز الثلاثي والأداء الأوروبي والإيمان بالحظوظ في التأهل من الجماهير واللاعبين والجهاز الفني حتى الثواني الأخيرة من عمر اللقاء لم تكن هي مكاسب الأهلي الوحيدة في هذا اللقاء و لكن هناك إيجابيات أخري نستعرضها في النقاط التالية:
- بعد عام واحد من الابتعاد عن دوري المجموعات بعد الخروج أمام كانو بيلارز النيجيري بعد التعادل خارج القواعد بهدف لمثله وداخلها بهدفين في كل شبكة، عاد الأهلي مجدداً لهذا الدور محققاً رقماً جديداً له وهو التواجد في هذا الدور للمرة التاسعة في تاريخه.
- أداء الأهلي أمام "التيحه" وتسجيله لهذه النتيجة تجعله يتفوق علي نفسه في مواجهة الإتحاد بالذات حيث سبق للناديين أن تواجها في نصف نهائي نسخة 2007 ولم ينجح الأهلي في تجاوز الإتحاد إلا بهدف وحيد سجله مدافع الإتحاد أسامة الحمادي بطريق الخطأ في مرمي فريقه وشهد هذا اللقاء عدة فرص من الضيوف كانت كفيلة بإبعاد الأهلي عن البطولة التي خسر النهائي خلالها أمام النجم الساحلي التونسي.بعد فوز الفريق بلقب الدوري بجدارة و قبل ثلاثة أسابيع من نهايته ثم بلوغ دوري المجموعات في ظل ظروف غاية في الصعوبة، أكد فريق الأهلي أنه يسير بخطي ثابتة مع حسام البدري وأن الصبر و الثقة أمران يحتاجهما المدرب الواعد لإثبات ذاته والتأكيد علي أن ثقة الإدارة فيه لم تأتي من فراغ.
- الهدف الثالث الذي أحرزه نجم الوسط الشاب شهاب الدين أحمد من مسافة بعيدة أعاد للأذهان زمن مدفعية الأهلي الثقيلة التي اختفت باعتزال مجدي عبد الغني وخالد جاد الله وطاهر أبوزيد وأصبحت هذه الميزة سلاح جديد للأهلي في مواجهة التكتلات الدفاعية التي يجدها في معظم مواجهاته المحلية والقارية.
- الاختبار الصعب الذي مر به الأهلي سبق أن تعرض لمثله في نفس البطولة بمسماها القديم – بطولة إفريقيا أبطال الدوري – حيث خسر من أفريكا سبور الإيفواري في ذهاب ربع النهائي بهدفين دون رد ونجح في تجاوز هذا الفريق في الإياب بفارق الركلات الترجيحية بعد أن رد بهدفي حسام حسن وعلاء ميهوب، وإن كان الصعود هذه المرة ذو مذاق أحلي حيث جاء بشكل مباشر ورحم الجماهير من معاناة ركلات الترجيح التي تجاوز بها فريق الإتحاد فريق الدفاع الحسني الجديدي المغربي في الدور الأول في مدينة الجديدة بعد أن تصدي حارسه سمير عبود لثلاث ركلات.
- أهداف الدقائق الحاسمة يبدو أنها لم و لن تتوقف أبداً مع الأهلي، حيث أعاد هدف شهاب الصاروخي ذكري هدف أبوتريكة في الصفاقسي في نهائي 2006 وكذلك هدف محمد بركات في مرمي الزمالك في مباراة القمة رقم 105 في الدوري المصري.
- تصريحات و تصرفات لاعبو ومسئولو فريق الإتحاد الليبي بعد لقاء الإياب، واعتذار أكثر من مسئول ليبي رفيع المستوي عما حدث مع مدافع إفريقيا الأول وائل جمعة بعد اللقاء ورد الفعل من إدارة الأهلي علي بعض التصرفات الفردية في اللقاء الأول كلها أمور أكدت أننا أبناء وطن واحد وأن ما حدث بعد لقائي مصر والجزائر في القاهرة وأم درمان كان وراءه أهداف خبيثة وبعيدة كل البعد عن العلاقات التاريخية والمتينة التي تربط كل أبناء الوطن العربي من المحيط للخليج.
- بعد أن بات وشيكاً من وجود مواجهة مصرية – جزائرية في دور المجموعات بين الرباعي الأهلي والإسماعيلي من مصر ووفاق سطيف وشبيبة القبائل من الجزائر، أصبحت هذه الفرق مطالبة بإعادة المياه لمجاريها فيما يخص العلاقة الرياضية المتوترة بين الشعبين الشقيقين التي أفسدتها تفاهة وسفاهة بعض القائمين علي الإتحادين في البلدين علي خلفية مواجهات المنتخبين الكبيرين في تصفيات كأس العالم.