إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
بيَّن تعالى قدر الرسول العظيم فقال {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} أي إن الله جل وعلا يرحم نبيَّه، ويعظّم شأنه، ويرفع مقامه، وملائكتُه الأبرار يدعون للنبي ويستغفرون له، ويطلبون من الله أن يمجّد عبده ورسوله ويُنيله أعلى المراتب، قال القرطبي: والصلاةُ من الله رحمتُه ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومن الأمة الدعاءُ والتعظيمُ لأمره، وقال الصاوي: وهذه الآية فيها أعظم الدليل على أنه صلى الله عليه وسلم مهبط الرحمات، وأفضل الأولين والآخرين على الإِطلاق، إذ الصلاة من الله على نبيه رحمتُه المقرونة بالتعظيم، ومن اللهِ على غير النبي مطلقُ الرحمة كقوله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} فانظر الفرق بين الصلاتين، والفضل بين المقامين، وبذلك صار منبع الرحمات، ومنبعَ التجليات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أي فأنتم أيها المؤمنون أكثروا من الصلاة عليه والتسليم، فحقه عليكم عظيم، فقد كان المنقذ لكم من الضلالة إلى الهدى، والمخرج لكم من الظلمات إلى النور، فقولوا كلما ذُكر اسمه الشريف "اللهم صلّ على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً"، عن كعب بن عُجرة قلنا: يا رسول الله: قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: "قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم.." الحديث، قال الصاوي: وحكمةُ صلاةِ الملائكةِ والمؤمنين على النبي صلى الله عليه وسلم تشريفُهم بذلك، حيث اقتدوا بالله جل وعلا في الصلاة عليه وتعظيمه، ومكافأةٌ لبعض حقوقه على الخلق، لأنه الواسطة العظمى في كل نعمةٍ وصلت لهم، وحقٌ على من وصل له نعمة من شخص أن يكافئه، ولما كان الخلق عاجزين عن مكافأته صلى الله عليه وسلم طلبوا من القادر الملك أن يكافئه، وهذا هو السر في قولهم "اللهمصلى على محمد